المقال رقم (15) عداوة الشيطان لبني ادم ومداخله عليهم / الجزء رقم 1 ( موضوع مهم جداً لنا )


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد :
ومن العجب العجاب الذي أعلمه من هذا العالم المعقد الغامض علما يقينيا أنّ حضور ( مبدأ التلقي ) عندك حال وجودك عند ساحر مثلا يفتح الهالة على مصراعيها، ومن الممكن أن يتسلط شيطانه عليك وأنت لا تشعر؛ مثاله لو أتيت إلى ساحر فسألته مجرد سؤال وكان عندك رغبة في إشباع فضول فقط لا تصديق له، فهذا يعني أنك مكنت شياطينه من اختراق الجسد بسهولة وهذا مصداق قول نبينا صلى الله عليه وسلم في مسلم (من أتى كاهنا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما) مجرد سؤال لإشباع الفضول، ولماذا لا تقبل له صلاة ؟
عرجنا قبل قليل على الجنب وأن الجنب لا يقرب الصلاة لأن الشياطين أقرب إليه من الملائكة؛ وهذا بالسؤال اقتربت منه الشياطين إن لم تكن تلبست به، فالصلاة المقبولة ممنوعة منه كما مُنع الجنب من صحتها والله أعلم.
____________________________________________________________
والمعاصي عموما مضعفة للهالة وبعض الأعمال تفتح مناطق نفوذ للهالة، وإن كانت الهالة موجودة, منها :
– ( المدح ) في الوجه فمن أساليبب السحرة إن لم يتمنكوا من مرادهم من شخص مدحوه في وجهه عمدا لأن المدح يُسرّب ( الكِبر ) للممدوح أو ( النفخة ) له ( أعوذ بك من همزه ونفخه ونفثه )، فلذلك جاء النهي عن المدح مطلقا وقال ( احثوا في وجوه المداحين التراب ) تذكيرا بأصل الإنسان الذي بذكره يتقازم الكبر في القلب ألا وهو ( التراب )، فهذا المدح يخلخل الهالة ويفتح ثغراتها.
وهذا المدح لأنه سبيل لباب الكِبر، والكِبر هو الخلق الذي بسببه طُرد الشيطان ( إلا إبليس أبى واستكبر ) يحبه هذا الرجيم جدا جدا فلذلك تجد الكبر خلف كل كفر .
____________________________________________________________
هذا الكِبر يفتح ( الهالة ) ويغري الشياطين بالهجوم على الشخص لأنه مشابه للخلق الشيطاني وإذا تمكن الشيطان من المتكبر أعماه عن الحق وفسدت بصيرته وتأمل قول الله تعالى ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض ) لماذا يُصرفون؟ لأجل الكِبر الذي به يتمكن الرجيم من إعدام البصيرة.
ألا ترى قول السلف ( الحكمة عند رأس كل متواضع ) لماذا الحكمة عند رأس كل متواضع ؟
لأن الحكمة تعبير عن البصيرة الشفافة التي تضع الأمور في نصابها الصحيح، والمتواضع بعيد عنه الشيطان بخلاف المتكبر الذي ضيّف الشياطين مجانا في قلبه حتى سكبوا الضلالة في بصيرته .
وتأمل قول نبينا في علامات الساعة ( وإعجاب كل ذي رأي برأيه ) الذي هو شُعبة من شُعب الكِبر، وذلك لتسلط الشياطين علينا في هذا الزمن فلذلك اختلفت الأفهام حاليا وقلّ أصحاب البصائر لأنّ هذا الزمن هو زمن الشياطين، وهذا سأحكيه في تكملة السلسلة بإذن الله تعالى .
____________________________________________________________
وانظر إلى ارتباط الحكمة بالنبي صلوات ربي وسلامه عليه ( ويعلمهم الكتاب والحكمة ) والحكمة هنا السنّة، ولماذا سُميّت السنة حكمة ؟ لأن باتباعها يصيب المرء ويقلّ خطأه .. وارتباط العبودية فيه ( الذي أنزل على عبده الكتاب ) ( سبحان الذي أسرى بعبده ) ولاحظ أن إنزال الوحي مدعاة للكبر وإسراءه ومعراجه أيضا مدعاة للكبر .. لذلك نفى الله تعالى عن رسوله هذا بقوله ( عبده ) كلفظ عالٍ في التذلل والتواضع، وهذا ما يبغضه الشيطان فلذلك كلما كان الشخص أكثر تواضعا كان أقرب للإيمان، وهذا قولهم ( ما اتبع محمدا إلا ضعفاء مكة ) وقوله ( الإيمان يمان والحكمة يمانية ).
ولهذا من اتبع الوحي كان أكثر حكمة وبصيرة لأن الاتباع من لازمه ذلّ الباطن وخضوعه، ولهذا لما كثر الكبر في هذا الوقت بتسلط الشياطين كان العالم أكثر جنونا واضطرابا وأقلّ بصيرة ونورا.
____________________________________________________________
ويأتي الشيطان لاستهداف ( الجسد الطيني ) الذي من أجله طُرد من الجنة ولُعن، ومن الأسرار ارتباط الماء والتراب بالشفاء من أمراض الشيطان كالعين والحسد ( وإذا استُغسلتم فاغسلوا ) ( باسم الله تربة أرضنا يُشفى سقيمنا )، فالماء والتراب سبب لطرد أمراض الشيطان كما أنّ الجسد الطيني لآدم سبب لطرده من الملكوت الأعلى حين أبى واستكبر ومن تلك اللحظة كان يقصد تدمير هذا البدن وإفنائه قبل وجوده كما مرّ سابقا في تشويه خلقته الجمالية بالمعاصي .
هنا وقبل تكوّن ابن آدم وحال كونه نطفة يحاول قتل الحيوانات المنوية، وهذا معنى قول الذكر الصحيح ( اللهم جنبنا الشيطان ) من أن يُفسد الممارسة ابتداء وحال سريان النطفة وبعد تكونّها هو معنى قوله ( وجنّب الشيطان ما رزقتنا ) من إضراره في دينه بعد ولادته وإضراره في بدنه قبل ولادته .
وهنا تعلم أن سبب الإعاقات البدنية التي تكون للمولود خصوصا الحالات العقلية سببها الشيطان لأن الله يقول ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )، فكل مخلوق حال تكوينه يكون بأحسن تقويم وحالة الإعاقة طارئة بسبب تدخل الشيطان، أعلم أنك مستبعد هذا الكلام لكن هو عين الحقيقة.
____________________________________________________________
وأحدثك بأمر يفهمه كثير من الرقاة الصالحين أنّ أحد موظفي ( الأطفال المعاقين مبكرا ) يقول إذا جاء وقت النوم في أوقات نادرة نُعلي على قناة القرآن فنمرّ عليهم ونرى أكثرهم في حالات تشنجية وبعضهم ينظر إلينا بعين لامعة تبرق في الظلام مما يجعلنا نغلق القناة قهرا.
هذا الأمر يقوله ولا يُدرك أبعاده لأنه غير مطلع على مثل هذه الأمور، ولو علم أن سبب هذا التسلط الشيطاني وكان بالإمكان التحصن منه بلزوم الذكر الوارد وأن الشفاء منه لو حصل بالقرآن لتقلصت مثل هذه الهيئات التي تُعنى بشأن الإعاقات المبكرة عافانا الله وكل مسلم .
وأثناء الحمل يحاول إسقاطه وله جنّ يختصون بهذا الشأن ويُسمون شرعا ( التابعة أم الصبيان ) إن ثبت فيها الحديث وفي عُرفنا تسمى ( التابعة ) وهم نوع من الشياطين يتتبعون الحمل لإسقاطه، وكلما كانت الأم غير مُحصّنة بالأذكار كانت لها الشياطين أقرب .
____________________________________________________________
فالعداوة قائمة بيننا وبينهم، والحرب على قدم وساق ولا هازم لهم إلا ( القرآن والأذكار واللجوء إلى الله ) وبهذا نُدرك قول الله ( إنّ الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا )، وبعد الولادة وأثناء خروج الطفل يطعن الشيطان في هذا المولود حتى يستهل صارخا من طعنة الشيطان ففي الحديث ( ما من مولود يولد إلا ويطعنه الشيطان إلا ابن مريم ) إلا عيسى عليه السلام لا يستطيع عليه .. لماذا؟
لأن الذي يقتل الشر الجسدي ( الدجال ) هو عيسى عليه السلام، ولن يستطيع على هذا الشر الجسدي إلا من لم يقربه الشيطان أبدا فهو ( الخير الجسدي ) فلم يُسلّط عليه وهو الذي يتسلط على الدجال .
ولا يزال الشيطان مترصدا لابن آدم في جميع تنقلات حياته ومراحل عمره وله في الأطفال نهم في قتلهم أو خطفهم ففي البخاري قال عليه الصلاة والسلام ( إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن للجن انتشارا وخطفة ) يعني أنها تنتشر في إقبال الليل وتختطف أيديهم الأطفال وتضرهم إن لم تأخذهم.
وقد نستبعد مسألة الخطف لأننا مأمون منها، ولله الحمد لكن في أجيال سبقت كان هذا مذكورا ويضربون فيها الأمثال الشعبية التي أصبحت في العصر الحديث عرضة للتندر والتفكه.
____________________________________________________________
واستحضر معي مجامع الماسونية الحديثة التي في حقيقتها تعبد الشيطان مثل ( الفاتيكان – الجمجمة والعظام – النادي البوهيمي – المافيا لأنها تبع للماسونية ) ومدى ارتباط قضايا اغتصاب الأطفال واللواط فيها، وهذا لأنها طقوس يُتقرب بها إلى الشيطان.
وسأذكر أمرا لعل الأكثر لا يفهمه لكني أراهن على استيعاب القراء والتنبه لها في قابل الأيام سيؤكد عليها، وهي أن بعض الشهور يحب الشيطان فيها سفك دماء الأطفال مضاهاة لذي الحجة الذي تُسفك فيه بهيمة الأنعام لله تعالى، فلذلك تجدون المجازر الدموية التي تتقصد الأبرياء من الأطفال كثيرا، في هذا الشهر الذي سأذكره من طرف الأمريكان باعتبار أنهم القوة الموجودة في بلاد المسلمين وفي نفس الوقت هم ذراع للطغمة الماسونية وتكثر هذه الجرائم في شهر (٤) تحديدا وكل هذا يُفعل باسم ملاحقة إرهابيين وحقيقته شهود الشيطان لسيل من دماء الأطفال كقربة له .
وقد يؤذي الشيطان الطفل بأمور أخرى لأنهم أضعف تحصينا، فيسلط عليهم العيون الحاسدة من الناس فلذلك يُشرع الرقية على الأطفال دوما لأنهم لا يعبّرون عن آلامهم ولا يفهمون ما بهم والرقية خير ما يُحفظ به الطفل .
ثم يُكمل الشيطان إثخانه في ( الجسد الطيني ) فيسحر عين الإنسان وركّز هنا على العين لأن العين هي البوابة إلى سحر النفس وانبهارها وذبولها؛ ففي السنن يقول صلى الله عليه وسلم ( إن المرأة تُقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان ) يعني أن الشيطان يُزيّن للرجل شخص المرأة فيرغبها أكثر من رغبته لحلاله لأن الشيطان افتعل سحر التزيين في عينيه.
____________________________________________________________
فلذلك يحرص الشيطان على عين الإنسان فبكثرة الالتفات والنظر أثناء المشي كي ينشغل فكره بما لا يقدر عليه ويتحسر على ما عنده، وهذا عام في كل زينة ولهذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم قلّة الالتفات والتلفت في المشي ونهى الله نبيه عن التطلع ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم )، فالباب لوقوع التذمر في القلب والشح والحرص هو أن تسبح عينك في زينة الأرض وللشيطان هنا نفخ في قلب الرائي فإن العين ترى ما لا تقدر عليه على غير ما هو عليه فترى المرأة الفلانية أو المطمع الفلاني على غير حقيقته لأن الشيطان استطاع أن يسحر عينك بتخييله .
وانظر في ذلك زينة السماء (ولقد زيّنا السماء ) وكيف الناس تعرض عن التفاعل والتفكر والاستمتاع بها لأن الله يقول ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون ) لأن الشيطان غشى على الأبصار فلا ترى إبداع الله في الكون كما غشى البصائر فلا ترى الحقائق ..
____________________________________________________________
وفي المقابل لاحظ كيف عمل الشيطان في أعين الناس حين قال ( لأزينن لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين ) وهذا الغواية طريقها زخرفة الأرض لجذب الناس لها، وهذا كما تشاهد مع الفارق بين زينة السماء والأرض تجد الناس مسحورة بزينة الأرض ..وهذا الانفجار الإغوائي في زينة الأرض تدبير شيطاني لا يشعر به، فكأن الأرض حين تراها من بعيد متلألأة كالنجوم كأنها تضاهي زينة السماء لكن هذه الزينة يراد بها الغواية وزينة السماء يراد بها الهداية…
وهذه سنوات الدجال وسحب الناس لهذه الحضارة رسم شيطاني حتى إذا حان وقت خروج الدجال تعطلت تلك الحضارة وعاد الناس كما كانوا في حيرة وجوع وضياع مما يحصل خرج الدجال بقوته ليخضع له الناس بعد دمار حلّ .
… يتبع
تم بحمد الله
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
كتبه / ابو ثائر الراقي
المشرف العام على موقع رقيتي للرقية الشرعية
https://www.myroqia.com